أقوال العلماء والصالحين في التوسل والاستغاثة

أقوال العلماء والصالحين في التوسل والاستغاثة
1- الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى:
قال في رسالته الموجهة لأهل القصيم مستنكرا بشدة على من نسب اليه تكفير المتوسل بالصالحين: (إن سليمان بن سحيم افترى علي أمورا لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي فمنها: أني أكفر من توسل بالصالحين وأني أكفر البوصيري لقوله يا أكرم الخلق وأني أحرق دلائل الخيرات وجوابي عن هذه المسائل ان أقول: {سبحانك هذا بهتان عظيم} (1) [124] )) (2) [125] ) .
وسئل الشيخ محمد بن عبدالوهاب عن قولهم في الاستسقاء لا بأس بالتوسل بالصالحين فأجاب بكلام كثير منه:
(... ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك أو بالمرسلين أو بعبادك الصالحين أو يقصد قبرا معروفا أو غيره يدعو عنده) (3) [126] ) وهذا يدل على جواز التوسل عنده.
2- الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى:
سئل رضي الله عنه: هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا؟ فأجاب:
(الحمد لله التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك مما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه مشروع باتفاق المسلمين) (4) [127] ) .
__________
(1) ( [124] ) سورة النور الآية (16) .
(2) ( [125] ) الرسالة الأولى والحادية عشرة من رسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب القسم الخامس ص (12) ص (64) .
(3) ( [126] ) فتاوى الشيخ محمد بن عبدالوهاب في مجموعة المؤلفات القسم الثالث ص (68) التي نشرتها جامعة الإمام محمد بن مسعود الإسلامية في أسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب والغريب من الذين يقرون أسبوع محمد ابن عبدالوهاب وينكرون مولد النبي محمد بن عبدالله السنوي...) .
(4) ( [127] ) التفاوى الكبرى (1/140) .


وقال في موضع آخر: (وكذلك مما يشرع التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم شخصا أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلي حاجتي ليقضيها فشفعه في) (1) [128] ) .
وقال في موضع آخر: وأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ففيه حديث في السنن: (أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله! إني أصبت في بصري فادع الله لي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (توضأ وصل ركعتين ثم قل: اللهم أسألك وأتوجه إليك نبيك محمد يا محمد إني أتشفع بك في رد بصري اللهم شفع نبيك في وقال فإن كانت لك حاجة فمثل ذلك فرد الله بصره (2) [129] )) (3) [130] ) .
3- الشيخ محمد ناصر الألباني:
ذكر الشيخ الألباني أنه يجوز التوسل بأسماء الله وصفاته وبعمل الداعي ودعاء رجل صالح آخر فيما نقله عنه عيد العباسي في كتابه التوسل أنواعه وأحكامه ذلك الذي قال عنه مؤلفه: إنه مقالات كتبها وألقاها الشيخ ناصر الألباني فقال:
(فمما سبق تعلم أن التوسل هو مشروع دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وجرى عليه عمل السلف الصالح وأجمع عليه المسلمون وهو:
1- التوسل باسم من أسماء الله تبارك وتعالى أو صفة من صفاته.
2- التوسل بعمل صالح قام به الداعي.
3- التوسل بدعاء رجل صالح.
ثم ينقل أقوال الأئمة المعتمدين في مسألة التوسل فيقول:
__________
(1) ( [128] ) أخرجه الترمذي وصححه في كتاب الدعوات (3578) .
(2) ( [129] ) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات (3578) وقال حسن صحيح وأخرجه ابن ماجه في صلاة الحاجة (1385) .
(3) ( [130] ) افتاوى الكبرى (1/105) .


(فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحده وأجاز غيره كالإمام الشوكاني التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين) (1) [131] ) .
4- الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى:
قال الإمام أحمد للمروزي رحمهما الله تعالى: (ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه وجزم به في المستوعب وغيره) .
وقد مر معنا قوله عندما ذكر أماه صفوان بن سليم: (هذا رجل ينزل القطر من السماء بذكره) .
5- الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى:
قال رضي الله عنه للخليفة المنصور لما حج وزار قبر النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام وسأل مالكا قائلا: يا أبا عبدالله أأستقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأدعو؟ فقال الإمام مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى؟ بل استقبل واستشفع به فيشفعه الله فيك.
قال الله تعالى {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (2) [132] ) } (3) [133] ) .
6- الإمام النووي رحمه الله تعالى:
قال رضي الله عنه: (.. واعلم أن زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أهم القربات وأنجح المساعي.. إلى أن قال: ثم يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر ويقف في مقام الهيبة والإجلال فيقول: السلام عليك يا رسول الله... إلى ان قال: ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى) (4) [134] ) .
__________
(1) ( [131] ) شرح العقيدة الطحاوية للشيخ محمد ناصر الألباني ص (46) .
(2) ( [132] ) سورة النساء الآية (64) .
(3) ( [133] ) ذكره العلامة ابن حجر في الجوهر المنظم والقسطلاني في المواهب اللدنية والسمهودي في خلاصة الوفاء والقاضي عياض في الشفا بسند صحيح وغيرهم.
(4) ( [134] ) كتاب المجموع (8/272) .


7- الإمام تقي الدين أبو الحسن السبكي رحمه الله تعالى:
قال رضي الله عنه (اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروف من فعل الأنبياء والمرسلين وسيرة السلف الصالحين والعلماء المسلمين) .
وقال: (وأقول: إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم جائز في كل حال: قبل خلقه وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد المبعث في عرصات القيامة والجنة) (1) [135] )
8- الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى:
قال رضي الله عنه (التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعا سكوتيا لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في توسله بالعباس رضي الله عنه والتوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة إذ لا يكون فاضلا إلا بأعماله) .
وقال: (ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين) أقول: ومن التوسل بالأنبياء: وذكر قصة الأعمى (2) [136] ) ، وأما التوسل بالصالحين حديث استسقاء سيدنا عمر بسيدنا العباس رضي الله عنهما (3) [137] ) ، (4) [138] ) .
__________
(1) ( [135] ) كتاب شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام الباب الثامن وص 161.
(2) ( [136] ) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات (3578) وابن ماجه في صلاة الحاجة (1385) .
(3) ( [137] ) أخرجه البخاري (2/34) و (5/25) وابن خزيمة (1421) .
(4) ( [138] ) كتاب تحفة الذاكرين ص (37) .


وينقل رضي الله عنه إجماع الصحابة على جواز التوسل ثم يقول: (وأما التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأحد من خلقه في مطلب يطلبه من ربه فقد قال عز الدين بن عبدالسلام: إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعندي (أي عند الشوكاني) أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمرين: الأول: ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم والثاني: أن التوسل إلى الله تعالى بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة، إذ لا يكون الفاضل فاضلا إلا بأعماله.
9- العلامة الشهاب الرملي الشافعي رحمه الله تعالى:
سئل رضي الله عنه فأجاب: (إن الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين عيهم الصلاة والسلام والأولياء والعلماء الصالحين جائزة وللرسل والأنبياء والأولياء إغاثة بعد موتهم لأن معجزة الأنبياء وكرامة الأولياء لا تنقطع بعد موتهم وأما الأنبياء فإنهم أحياء في قبورهم يصلون ويحجون كما وردت به الأخبار فتكون الإغاثة منهم معجزة لهم، والشهداء أيضا أحياء شوهدوا نهارا جهارا يقاتلون الكفار وأما الأولياء فهي كرامة لهم.
10- الإمام السامري وصاحب التلخيص رحمهما الله تعالى:
قال السامري وصاحب التلخيص: لا بأس بالتوسل للاستسقاء بالشيوخ والعلماء المتقين، وقال في المذهب: يجوز أن يستشفع إلى الله برجل صالح، وقيل يستحب (1) [139] ) .
11- العلامة ابن مفلح الحنبلي رحمه الله تعالى:
ذكر انه يجوز التوسل بصالح وقيل يستحب.
__________
(1) ( [139] ) كشف القناع (2/29) .


12- الشيخ علاء الدين علي المرداوي الحنبلي
من كبار علماء الحنابلة رحمه الله تعالى: قال: (ومنها يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب وقيل يستحب) وقال: (والتوسل بالإيمان به صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته ومحبته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحوه مما هو من فعله أو أفعال العباد المأمور بها في حقه مشروع إجماعا) (1) [140] ) .
13- الشيخ يوسف النبهاني رحمه الله تعالى:
قال: (ولا يخفى على أحد من المسلمين بل وغير المسلمين ممن عنده أدنى إلمام بمعرفة هذا الدين المبين وأحوال من اتبعه من المؤمنين أن جمهور الأمة المحمدية من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين والصوفية وغيرهم من الخواص والعوام من جميع مذاهب الإسلام متفقون بالقول والفعل على استحسان الاستغاثة والتوسل والتشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله تعالى لقضاء الحوائج الدنيوية والأخروية واستحباب شد الرحال والسفر لزيارته صلى الله عليه وآله وسلم من الأقطار البعيدة والقريبة حتى صار ذلك عندهم بمنزلة الأمور المعلومة من الدين بالضرورة بحيث لا يجهله ولا يتصور خلافه أحد بل لا يتوهم خلافه ولا يتخيله كثير من طلبة أهل العلم فضلا عن جمهور العامة الذين لا يخطر شيء من ذلك في بال أحد منهم بل ولا يجوز أنه يوجد مخالف من المسلمين في استحسان ذلك وما زالت الأمة المحمدية بحمد الله تعالى كذلك يتلقاه المتأخرون عن المتقدمين ويعتقدون كما هو الواقع أن ذلك من أفضل الطاعات وأكمل القربات) .
14- الشيخ محمد الحامد رضي الله عنه:
يقول رضي الله عنه في باب نداء الصالحين: (يجوز التوسل بهم إلى الله تعالى والدعاء يكون لله سبحانه والأدلة على هذا كثيرة ومن ناداهم بقصد التوسل بهم لا يلام (2) [141] ) .
__________
(1) ( [140] ) كتاب الإنصاف (2/456) .
(2) ( [141] ) ردود على أباطيل ص (25) القسم الثاني.


وقال أيضا في باب جواز التوسل: (يجوز التوسل إلى الله سبحانه وتعالى برسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام وعلى آلهم وبأوليائه رضوان الله عليهم وأما التوسل إلى الله سبحانه وتعالى برسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام وعلى آلهم وبأوليائه رضوان الله عليهم فإنه جائز وسائغ عند أهل الحق بل إنه مستحب إذ هو من أسباب إجابة الدعاء وليس فيه أدنى شبه بشرك لأن الله تعالى هو المدعو وحده ولا شريك له في الخلق والتأثير والاستشفاع غير الدعاء فما من وضر يلحق الداعي ولا من لوث يمس عقيدة التوحيد فيه والناس في الآخرة يستشفعون إلى الله برسله وبسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم (1) [142] ) .
وقال أيضا في باب التوسل: (لو كان التوسل شركا أو فيه شائبة الشرك ما علمه نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم للأعمى حين سأله أن يدعو الله له، فقد علمه التوسل به وإجازة التوسل في حياة المتوسل به لا بعد مماته لا يعتمد شرعا وفعل عمر رضي الله عنه ليس فيه إلا التوسل بالحي وفعل الشيء لا ينفي ما عداه كما هو مقرر (2) [143] ) .